من المحتمل أن آخر مرة خضعتَ فيها لقياس ضغط الدم قد حدثت في مكتب الطبيب باستخدام حزام ضخم وملفوف حول ذراعك، لكن من الممكن قريباً ألَّا يتطلب الأمر سوى وضع رقعة لاصقة بسيطة على رقبتك، لا يتجاوز حجمها حجم طابع بريدي.
هذا هو هدف شينج شو وفريقه في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو؛ الذين يعملون على رقعة يمكنها أن تقيس ضغط الدم المركزي لشخص ما باستمرار، والذي يشير إلى ضغط الدم الذي يجوب خارج نطاق الشريان الأبهر (الأورطي) لديك؛ وهو الشريان الذي يحمل الدم من قلبك إلى كافة أجزاء جسمك المختلفة، وقد يكون الأمر أكثر سهولة بكثير من أن تتم مراقبة المشاكل القلبية، أو الأعضاء الحيوية الأخرى مثل الكبد والرئتين والدماغ.
وتعتمد رقعة السيليكون المطاطية الصناعية هذه في عملها على إرسال موجات فوق صوتية تخترق الجلد لتنعكس على الأنسجة والدم في جسم مرتديها، ويتم إرسال انعكاساتها إلى المستشعر، ومن ثم إلى الحاسوب المحمول الذي يعالج بيانات ضغط الدم (ويجب في الوقت الحالي -على الأقل- توصيل الرقعة بالحاسوب المحمول وبمصدر للطاقة أيضاً). وهذه الرقعة هي أول جهاز معروف قابل للارتداء يمكنه أن يتحسَّس المؤشرات الحيوية عميقاً تحت سطح الجلد.
ويمكن -من الناحية النظرية- أن تُستخدم هذه الرقعة في المنزل لمراقبة المرضى على مدار الساعة، وهي لا تسبِّب العدوى لأنها لا توضع داخل الجسم.
وهناك دراسة تناولت عمل شو وزملائه، وتم نشرها في الأسبوع الثاني من سبتمبر الماضي في مجلة Nature Biomedical Engineering. هذه الدراسة توصَّلت إلى أن بإمكان هذه الرقعة مراقبة ضغط الدم المركزي بشكل متواصل ودقيق عند وضعها على أجزاء مختلف من الجسم، إلا أن وضعها على الرقبة كان الأكثر فعالية.
وقد قام فريق عمل هذه الدراسة بمقارنة الرقعة بجهاز مفيد وغير باضع (غير جائر في الجسم) -ولكن تشغيله صعب المراس- يُسمَّى “مقياس النغمات الشوكي Tonometer”؛ حيث يتم وضع جهاز لاستشعار الضغط على الجلد؛ وكانت الاختلافات في النتائج بين الجهازين ضئيلة، مما يعتبر مجالاً مقبولاً للخطأ بالنسبة إلىى استخدام الجهاز المعياري لقياس ضغط الدم.
كما أن حاجة الرقعة إلى اختراق الجسم أقل بكثير مقارنة بالطريقة المعيارية الذهبية المتبعة حالياً لقياس ضغط الدم المركزي، والتي يتم فيها استخدام قثطار مزوَّد بجهاز استشعار يتم إدخاله بالقرب من القلب. وإحدى الخطوات التالية للباحثين هي اختبار رقعتهم من أجل معرفة قدرتها على مضاهاة القثطار في الأداء.
كما يمكن لهذا الجهاز أن يوفِّر معلومات أكثر بكثير مما يمكنك الحصول عليه باستخدام مقياس ضغط الدم الحزاميِّ المعياري، ويمكن لهذه المعلومات -كما يعتقد شو- أن تفيد في مراقبة المرضى الذين يعانون من مشاكل مثل ارتفاع ضغط الدم، أو الذين أُصيبوا من قبل بأمراض القلب.
ويقول شو: “لا تستطيع ارتداء الحزام الخاص بقياس ضغط الدم طوال الوقت”.
كما يشير توبول إلى أن من الممكن أن تقيس الرقعةُ كميةَ الدم التي تتدفق إلى القلب؛ نظراً لأن من الممكن أن تُوضَع تماماً بالقرب من الوريد الوداجي (الرَّقَبي)، ويقول إن ذلك قد يُجدي نفعاً عند محاولة اكتشاف ما إذا كان شخصٌ ما مصاباً بالجفاف.
لكن الأمر لا يبدو مقنعاً للجميع؛ حيث يرى موهان تانيكاشالام (أخصائي الجراحة القلبية في جامعة تافتس) أن من الممكن للحزام الذي يراقب ضغط الدم المحيطي أن يظل أكثر فائدة؛ يقول تانيكاشالام: “قد يتضح لنا مستقبلاً أن ضغط الدم المركزي يتمتع بقيمة تنبؤية أكبر من حيث النتائج، ولكن ليس في حوزتنا الكثير من البيانات حتى الآن”.
ومع ذلك فقد يكون لهذه الرقعة استخدامات أخرى خارج الجسم؛ حيث إن شو -الذي كان أحد أفراد قائمة المبتكرين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة الخاصة بمنصة إم آي تي تكنولوجي ريفيو للعام 2018- يرى أن من الممكن لمثل هذه الرقعات فوق الصوتية أن تفيد أيضاً في العثور على التصدُّعات الصغيرة التي يمكن أن تتعرض لها الأجزاء الميكانيكية المعقدة، كتلك التي توجد في الطائرات على سبيل المثال.
Post a Comment